حكاية المغسلة، أول تجربة بزنس ودروس مستفادة

في يناير ٢٠١٦ خضت أول محاولة بزنس بعد تخرجي من الجامعة: منصة “جوّ” للمغاسل. وفي ٢٠١٧ قفلنا، وهنا الحكاية ودروس مستفادة:

لاحظت وشريكي وقتها فرصة وهي أن سوق المغاسل غير مخدوم عكس بقية المجالات الخدَمية الأخرى التي بدأت تنتشر فيها المنصات السوقية. كان التوجه الأولي منصة رقمية (Marketplace) للمغاسل، سميناها “جوّ” وكانت القيم المقترحة للعملاء هي: نغسل ملابسك بمفردها + ونوصل من وإلى البيت. المقابل؟ اشتراك شهري.

أذكر جيداً كلامي لشريكي: “أحلى شيء في بحث السوق لن نتعب كثيراً، في سبع مغاسل حول بيتي!” نزلت متحمّس أعرض عليهم الفكرة، لكن الصدمة كانت ذلك اليوم: البعض كانت تكفيك نظراته وأنت تشرح الفكرة، والبعض “زبّد” وقال عندي زبايني وليه أشترك معكم؟

قلت لشريكي: لربما هذا الحي ليس الأفضل، لنجرب أحياء مجاورة. فعَلنا، لكن كانت الإجابات متشابهة، وصادمة.

مالحل؟ كان قرارنا هو نفتح مغاسلنا الخاصة ونقدم بنفسنا الخدمة، بدون تقنية أو تطبيق في المرحلة الأولى، وبعد فترة نُطلق التطبيق، وقتها سيكون لنا عملائنا واكتسبنا خبرة أكثر في السوق.

هذا قرار جريء ومختلف جوهرياً عن السابق، كيف خبرتنا مع المغاسل؟ ليس أكثر من أننا عملاء لديهم، أما خبرة في المجال ف “صفر”، يمان وقتها بين التقنية وتجربة المستخدم، صاحبي في التسويق، المستثمر لديه مدرسة خاصة ونادي رياضي.

بحثنا عن المغاسل في كل بقعة في الرياض، شهور من البحث تتعلم فيها تفاصيل جديدة، أنواع المكابس، الفرق بين الغسّالات، وكيف تحسب دخل المغسلة، وغيرها وغيرها.

بعد ثلاث شهور حصلنا مغسلة بسعر مناسب، اشتريناها بالمعدات، ولأننا لا نفهم في الصنعة اعتقدنا أننا قللنا المخاطر بالاتفاق مع البائع أن يترك معنا عمال المغسلة ليكملوا معنا.

بعد أسابيع اختلفنا مع العمال على الجودة اللي نقدمها وطريقة استقبال والتعامل مع العملاء، وظفنا عمّال آخرين ودربناهم على الجودة في الاستقبال والترحيب وغيرها، كان هذا أول “مطبّ” قابلنا.

اجتهدنا في الأشهر التالية في التسويق وقدمنا خدمات توصيل، طبقنا عروض وباقات تسعير واشتراكات بشكل يدوي بدون التطبيق / المنصة. ثم بعد أشهر من التشغيل أقفلنا، بخسارة ١٠٠ ألف تقريباً، كانت هناك جملة من الأخطاء وهذه بعض الدروس اللي تعلمناها:

مخاطر توعية السوق

دخول مجال جديد لا منافسة فيه تعني أنه سيقع على عاتقك تعليم السوق وتوعيته، ثم بعد أن تهلك نفسك قد يأتي من يستفيد من أخطاءك وتجاربك وينطلق أسرع منك ويسبقك، فكرة First-mover advantage هي نظرية لا أؤمن بدقتها في الواقع، رأيي شخصي. هذا الخطأ لم استوعبه وقتها وكررته في تجربتي الثانية في البرنس، منصة “جذوة” سأحكي عنها قريباً.

التعمّق في المشاكل قبل الحلول

تعلّم القيمة للعملاء بدلاً من التغيير السريع في نموذج العمل: مزودي الخدمات (في حالتنا المغاسل) بالتأكيد لديهم نقاط ألم واحتياج لم نسكتشفه، قد يكون أولى من تغيير نموذج العمل (تشغيل مغاسل) هو استكشاف نقاط الألم تلك وتقديم حل رقمي آخر.

فهم المجال

دخول مجال لا تفهم فيه سيكلفك الكثير لفهم ديناميكيات هذا المجال، ولو أردنا فعلاً الدخول للمغاسل بأنفسنا لكان من الأولى مشاركة جهة أو شخص خبير في ذلك المجال، أو التوقف لسنة مثلاً وفهم المجال بأنفسنا ثم إطلاق المشروع.

كذلك اختيار موقع محل ذو عائد ضعيف، مثل ما يقولوا ما عليه رِجِل، لأن كان اهتمامنا أكثر بتكلفة التقبيل (لأن عندنا مجموعة مغاسل أخرى بنفحتها هههه).

موقع المشروع

اختيار موقع بعيد عنك، في التجارة التقليدية بُعد المكان عنك يعني إما أنك ستذهب إليه على فترات متباعدة أو راح تهلك نفسك ذهاباً وإياباً، في حالتنا كانت الثانية، تخيل مغسلة في السويدي تذهب لها من الشمال كل يوم بعد دوامك!

كانت هذه تجربتي الأولى، والحمدلله تعلمنا منها الكثير لما بعدها، ولما هو آتٍ في المستقبل بعون الله.

شارك المعرفة عبر منصات التواصل
أو انسخ هذا الرابط من هنا
قد يهمك أيضا