في نقاش مع أحد زملائي قبل أيام، تحدثنا عن إدمان العمل (Workaholism) وكنت أتبنى وجهة نظر أن إدمان العمل لا يسمى إدماناً إذا كنت تستمتع به، لأنه وقتها لن يشعرك بالضغط النفسي وسيكون كسائر الهوايات التي قد تمارسها وتضيف سعادة لك.
إجابته هزت قناعتي بدرجة كبيرة، كان رده: “هذا هو التعريف الحقيقي لمعنى كلمة إدمان، أن تستمتع بالشيء رغم ضرره، كمدمن المخدرات يعلم أنها تضره لكنه لا يستطيع الفكاك منها لاستمتاعه بها“.
كان نقاشنا هذا ليلة الخميس، وليته كان في يوم آخر، فقد أفسد صاحبي عليّ إجازة نهاية الأسبوع تلك 😀
الحقيقة أن إجابته منطقية إلى درجة كبيرة، لكن لنحللها قليلاً حتى نتمكن من الحكم عليها بشكل جيد. ما هو تعريف إدمان العمل؟ حقيقة لم أبحث حول الانترنت عنه حتى مع كتابتي لهذه السطور، سأعرفه كما أفهمه بلغة بسيطة بعيداً عن التعريفات الفلسفية أو العلمية له. هذا هو تعريفي له:
“إدمان العمل هو أن تستلذّ بالعمل كأسلوب حياة”
هذا هو تعريفي وفهمي الشخصي له من تجربتي الخاصة كمدمن للعمل في أحد فترات حياتي (قبل حواري مع صديقي حيث أزعم أني لم أعد مدمناً للعمل كما كان الوضع قبل عدة سنوات). الآن إذا رجعنا لتعريفي وفككناه هذا سنجد أنه يتكون من جزئين:
- الاستلذاذ بالعمل
- أنه يصبح أسلوب حياة، ليس فترة زمنية أو ظرف محدد
الآن لنأخذ ضد الشيء حتى يتضح التعريف. هل كل من يعمل لفترات طويلة يعتبر مدمناً للعمل (Workaholic)؟ الإجابة لا. هنا بعض الاستثناءات للتوضيح:
عند تأسيس مشروع
لا يمتلك أغلبية الناس في المجتمع رفاهية ترك الوظيفة والتفرغ للعمل الخاص، وبالتالي يظلون بين المطرقة والسنّادة، بين الوظيفة ومشروع جانبي لفترة معينة حتى إذا كتب الله النجاح المبدئي لمشروعه تفرغ له، ثم استمر لبضع سنوات يعمل لساعات طويلة أكثر من المعتاد حتى يقف مشروعه على قدميه ويستطيع الموارنة بين سائر أمور حياته وبين العمل.
إذا الدافع هنا هو المسؤولية والطموح، وليس الاستمتاع والهروب للعمل. كذلك هو ليس أسلوب حياة، إنما فترة محددة تختلف حسب الظروف، قد تتراوح بين ٣ إلى ٥ سنوات من عُمر الشخص ثم تتزن الأمور بعد ذلك.
في حالات الاضطرار
في بعض الحالات قد تضطر للعمل لوجود التزامات مالية مستحقة في إطار زمني محدد مثل قبل زواجك بفترة أو عند شراء منزل جديد. كذلك أصحاب الدخل المنخفض أو المسؤوليات الأسرية الكبيرة والذي يضطر لعمل إضافي حتى يغطي إحتياجاته الأساسية. حيث لا يكون دافعه هو حب العمل والاستمتاع به، بل هو الضرورة والمسؤولية التي تقع عليه، وقد تكون لفترة محددة حتى يخرج من عنق الزجاجة ثم تعود حياته لطبيعتها.
الحياة فيها الكثير مما يستحق الاستمتاع به، الله يمتعنا بأوقاتنا.