عانت شركة Olay أحد الشركات التابعة للعملاق P&G المتخصصة في منتجات العناية والتجميل في تسعينيات القرن الماضي من المنافسة في سوق متشبع بالعديد من العلامات التجارية القوية المستحوذة على الحصة الأكبر السوقية، حيث كانت أرباح Olay لا تتجاوز 800 مليون دولار من إجمالي قيمة السوق حينها 50 مليار دولار.
بعد فترة من المعاناة قامت Olay بإعادة بناء استراتيجيتها حتى تتمكن من الاستدامة والمنافسة والنمو. فما هي الاستراتيجية التي اتبعوها حتى يتمكنوا من النمو بل ومزاحمة العلامات التجارية الكبرى؟
أولاً: تنويع والمنتجات والتصنيفات
نوّعت Okay من منتجاتها بعد دراسة الفئات المستهدفة والفئات التي يمكن استهدافها، واستفادت Olay من وجود ذراع بحث وتجارب قوي (R&D) لدى الشركة الأم P&G ثم قررت التحول من الاعتماد فقط على منتجات إزالة التجاعيد إلى مجموعة واسعة ومتنوعة من منتجات العناية بالجلد.
كذلك حللت الفئات المستهدفة وبدأوا في استهداف فئة جديدة من العملاء وهم السيدات في عمر 35 عام، حيث أظهرت أبحاثهم الاهتمام الشديد لتلك الفئة بالعناية بالجلد وإزالة التجاعيد، والتي كانت أكثر من الفئة المستهدفة سابقاً وهم السيدات ما بعد عمر الخمسين عاماً.
ثانياً: إعادة هيكلة قنوات التوزيع (Masstige)
كانت Olay تركز على الأسواق التقليدية العامة (Mass markets) مثل وول مارت وغيرها من الأسواق المشابهة كقناة رئيسية للتوزيع. لم تكن تستهدف الأسواق الراقية (Prestigious markets) مثل المحلات الراقية في الأسواق (المولات التجارية أو الشوراع السياحية).
كان القرار المتبع في الاستراتيجية الجديد هو المحافظة على قنوات التوزيع في الأسواق التقليدية، مع فتح قنوات توزيع جديدة في أسواق أكثر رقي وفخامة، وأطلقوا عليها حينها (Masstige) كمزيج بين قناتي التوزيع (Mass + Prestigious).
ثالثا: إعادة التموضع ورسم الصورة الذهنية
غيّرت سياسة وأسلوب الإعلانات الخاص بها حيث ركزت على الإعلانات في نفس المجلات والقنوات التلفزيونية التي تتواجد بها العلامات التجارية الأكثر فخامة في ذلك الحين، حتى يربط المستهلك Olay مع المنافسين الكبار من حيث الصورة الذهنية، وبالتالي رفع الوعي واتخاذ القرار لاحقا، وهو ما يجرنا للنقطة التالية: التسعير.
رابعاً: اختبارات التسعير
كانت منتجات Olay تصل إلى 8 دولار في حدها الأعلى، وهناك معضلة شائعة في التسعير عند إعادة التموضع واستهداف فئات أعلى، بين فئة الأسواق التقليدية العامة وبين الأسواق الراقية.
كانت أسعار المنافسين في الأسواق الراقية تصل إلى 30 دولار للمنتج، وكان عليهم إيجاد منطقة ملائمة (Sweet Spot) لرفع أسعارهم بشكل يتحمله المستهلكين في الأسواق العامة، وفي نفس الوقت يكون قريب من السعر في الأسواق الراقية لأن المستهلكين في الأسواق الراقية يرون السعر المنخفض دليل على ضعف جودة المنتج، كما يعبّر عنها المقولة الشائعة بين المستهلكين وهي: (You get what you pay for) أو “أنت تحصل على الجودة حسب القيمة التي تدفعها”.
لذلك بدأوا في تجربة التسعير في مناطق أعلى قليلاً من 8 دولار، ونفذوا ثلاثة تجارب في التسعير:
- 12.9 دولار
- 15.9 دولار
- 18.9 دولار
كانت أقل التجارب نجاحاً هي 15.9 دولار، لأنها لم ترضي الفئتين لأن السعر مرتفع على الطبقة العامة وفي نفس الوقت لا زالت منخفضة وتراها الطبقة الراقية على أنها ضعيفة الجودة.
وبعد فترة من التجارب ثبتوا السعر عند التسعيرة الأعلى وهي 18.9 دولار، والتي كانت الأقرب لمتوسط أسعار المنافسين (30 دولار) وفي نفس الوقت رغم ارتفاع سعرها الكبير على الطبقة العامة إلا أنهم سوّقوا الجودة بشكل كبير في حملاتهم الإعلانية وبالتالي جذبوا فئة لا بأس بها من الأسواق العادية.
مع بداية الألفية الجديدة وبعد قرابة عشرة سنوات من إعادة بناء الاستراتيجية، استطاعت Olay الوصول إلى حصة سوقية 2.5 مليار دولار بنسبة أربعة أضعاف نمو قبل بناء الاستراتيجية.
المصدر: كتاب Playing to Win