هناك بعض الإجابات الخادعة التي تستقبلها في محادثاتك الاستكشافية مع المستخدمين، والتي إذا سلّمت بها واعتمدتها سوف تقودك لبناء المنتج الخاطئ. سوف استعرض ثلاثة أنواع من هذه الإجابات:
- العموميات
- الأفكار
- المديح
١. العموميات
في أحد مشاريعي السابقة واجهتنا بعض التساؤلات الغامضة حول معدل شراء أولياء الأمور ألعاب لأطفالهم، وكذلك متوسط فاتورة الشراء في المرة الواحدة. ذهبت مع شريكي في جولة بحثية ميدانية وفي أحد المحادثات سأل شريكي أحد الآباء عن معدل شرائه ألعاب لأطفاله، أجاب الأب وبثقة عالية أنه يشتري بشكل مستمر. بعد هذه الإجابة بدأ شريكي بالانتقال للمحور التالي من النقاش (متوسط الفاتورة) عندها قاطعت بلطف واستفسرت عن كلمة “بشكل مستمر” هل تقريباً أسبوعياً أم شهرياً أم ماذا، وقتها ابتسم الأب مستغرباً قائلاً “هل تشترون ياجماعة شهرياً، لا أنا أقصد كل عدة أشهر، تقريباً من ثلاث لأربع مرات في السنة”.
هذا الموقف يحدث معي كثيراً بل هو الأصل في المحادثات أن تأتيك عامة مثل:
“أنا عادة أذهب للتسوق مع أسرتي”
“أذهب للنادي كثيراً هذه الفترة”
ثم يكون دورك أن تسأل أسئلة متابعة مع المستخدم. هذه الإجابات العامة من نوع “أنا عادة” وكذلك “أنا أعتقد” و “قليل” و “كثير” هي إجابات سطحية لا تدخل في العمق الذي تحتاجه في الأبحاث النوعية مثل المقابلات، أيضاَ يختلف تفسيرها من شخص لآخر، لذلك دور الباحث هو سؤال أسئلة متابعة أكثر تستخرج معلومات أكثر من المستخدم.
لنأخذ مثالاً على ذلك من محادثة تخيلية لأحد مؤسسي منصة لياقة بدنية مع أحد المستخدمين:
تخيل لو توقفنا عند “نعم دائما” في أول إجابة؟ عندها سنحلل إجابة المستخدم “دائماً” حسب فهمنا نحن لكلمة دائماً، وهو أمر يحتمل الخطأ أكثر من الصواب.
في أسئلة المتابعة عرفنا حقائق واضحة أن “دائماً” كان تفسيرها لدى المستخدم “دائماً إذا ذهبت للنادي، لكنني منقطع الآن” كذلك في سؤال المتابعة الثاني لتفسير كلمة “كثيراً” استطعنا فهم الدافع لدى المستخدم، وهو أمر في غاية الأهمية لفهم القيمة والمنفعة للمستخدم، هذا يساعدك لاحقاً في توجيه بوصلة الحلول التي تقدمها للتحقق أنها تلبي هذا الغرض للمستخدم.
٢. المديح
الأفكار هو الجزء المفضل لدى البشر، حيث نميل ميلاً فطرياً إلى التفكير في الحلول ومشاركتها مع الآخرين. تخيل إذا شكى لك صديق إنه مجهد، قد تميل إلى إعطائه بعض المقترحات مثل أخذ إجازة من العمل أو السفر قليلاً لكسر الروتين أو غير ذلك من الأفكار. قليلاً ما نلبس قبعة الدكتور ونسأل أسئلة تشخصية كثيرة لفهم المشكلة من جذورها ثم طرح الحل الأنسب.
نفس الشيء ينطبق في محادثات المستخدمين، لا تستغرب مطلقاً إذا طرح المستخدم بعض الأفكار حتى لو لم تطلب منه ذلك، قد تجد ردود من نوع:
“أقترح عليهم أن …”
أو “إذا أضفتم خيار أني … سيكون شيء رائع”
قد تكون هذه الحلول مناسبة في بعض الأحيان، وفي أحيان كثيرة قد لا تمت للمشكلة بصلة، أو تكون مشكلة ليست مهمة، أو أنه ليس أفضل الحلول الممكنة.
كيف تتعامل مع الأفكار
أفضل طريقة للتعامل مع الأفكار هو سؤال “لماذا” يقترح المستخدم هذه الفكرة، بحيث تعرف ما هي المنفعة والقيمة والهدف الذي يريد الوصول إليه، ثم طلب مواقف حدثت معه بحيث تتحقق من جوهر المشكلة وتستنبط الحل الأنسب لاحقاً.
لنأخذ مثال من منصة الإرشاد المهني ومساعدة الطلاب على اختيار التخصص الجامعي، إذا طرح أحد الطلاب المشاركين فكرة وسار الحوار كما يلي:
هذا مجرد مثال وليس بالضرورة أن يأتيك الرد سلبياً أو مختلفاً مع الفكرة التي طرحها المستخدم، في أحيان كثيرة قد يكون الرد يعزز من صحة الحل، لكن هذا دورك أنت أن تتعمق وتتحقق من ذلك.
٣) المديح
كما الحال مع الأفكار، يأتي المديح كجزء طبيعي وفطري لدى غالبية الناس، ويحدث في المقابلات لأحد سببين، أما أن الباحث انحرف قليلاً عن مسار البحث وبدأ يناقش أفكار مستقبلية، أو أن المستخدم بدأ يستوعب فكرة المشروع وأعجب بها وامتدح الفكرة من تلقاء نفسه.
في كلتا الحالتين لن يفيدك المديح بشيء، أنت بالتأكيد مقتنع بالفكرة لكنك تجري الأبحاث لغرض التحقق وليس كسب الإعجابات والتأييدات.
هناك العديد من الحلول للتعامل مع المديح والتحقق من صحته أو أنه مجرد مجاملة:
- طلب التزام: بحيث تأخذ المحادثة خطوة للأمام وتطلب منه التزام لتلاحظ ردة فعله الحقيقية (سأشرح في مقال قادم كيف تطلب التزام من المستخدم).
- العودة للماضي وطلب مواقف محددة، بحيث تتجاهل المديح تماماً وتأخذ خطوة للخلف. لنأخذ مثالاً من أبحاث منصة الإرشاد المهني التي ضربنا لها بعض الأمثلة سابقاً، لنفترض أنه تم طرح بعض الأفكار وكان النقاش كالتالي:
هذا مثال جيد لأخذ خطوة للخلف والعودة لأغراض البحث الرئيسية وهي الحديث عن حقائق حول كيفية تعامل المستخدم مع الحاضر والماضي وفهم هذه التفاصيل.