جميعنا يستخدم واتساب ليس تقنية فريدة لديهم، بل لوجود محيطنا وأصدقائنا فيه. هذا هو التأثير الشبكي (Network Effect)، وهو أحد استراتيجيات النمو في المنتجات الرقمية التي تستهدف جمْع الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب بالمميزات التي يحتاجونها.
وينطبق على المنصات الرقمية التي تجمع شخصين أو فئتين معاً، مشاهد وصانع محتوى، شاري وبائع، زميلين في عمل يعملون على ملف مشاركة، وغيرها من الأمثلة.
كلما زاد الذين تتابعهم في إكس أو لينكدن كلما زادت احتمالية وجود محتوى جذاب ومفيد لك.
كلما زاد عدد البائعين في أمازون كلما أصبحت خياراتك للشراء أكثر.
كلما زاد أصدقاؤك في واتساب كلما أصبح أسهل إيجادهم والتواصل معهم.
قد يكون المفهوم العام لتأثير الشبكة مباشر وسهل الاستيعاب، لكن في الواقع بناء التأثير الشبكي داخل المنتجات الرقمية ليس بتلك البساطة. في هذا المقال نسلط الضوء على المراحل المبكرة لبناء التأثير الشبكي، تحديداً الشبكة الأولى وما هو الحجم الطبيعي لها.
يشبه Andrew Chen الشبكات في المراحل الأولية بالشبكات الذرية (Atomic Network) وهي أصغر مجموعة من المستخدمين أصحاب الاهتمام المشترك الذين يستخدمون المنتج بشكل مكثف ومنتظم. نعم تكون الشبكة صغيرة ونموها بطيء، لكنه راسخ وصلب، ثم مع الوقت تتوسع بشكل متسارع مقارنة بالبدايات. وتكون نواة لعدة شبكات مجاورة تنمو لاحقاً وتندمج في شبكة واحدة كبيرة لاحقاً.
في تلك المرحلة الأولية من إنشاء الشبكة الأولى، لا نحتاج شرائح ضخمة حتى لو كانت ضمن نطاق المشروع، فمثلاً منتج يساعد الخريجين على إيجاد فرص وظيفية هو منتج شريحته المستهدفة كل طالب خريج تقريباً، لكن حتى نطبق التأثير الشبكي نحتاج تفتيت تلك الشريحة إلى مجموعات أصغر من المستخدمين، مثلاً:
- الخريجين في مدينة الرياض
- خريجي التخصصات العلمية
- خريجي تخصص البرمجة
- خريجي تخصص البرمجة بجامعة الملك سعود
قد يكون الأنسب البدء من المجموعة الأخيرة الأكثر تحديداً، لأنها أسهل في بناء طرفي العلاقة داخل الشبكة، لأن العميل الذي لا يجد احتياجه (فرص تدريبية في مثالنا) لن يعود غالباً لأن المنصة لم تقدم قيمة له. كذلك موازنة العرض والطلب: من حيث التأكد أن المعروض ليس فائض أو أقل من الاحتياج.
حجم الشبكة
لا يوجد حجم واحد ثابت للشبكة: سوق الكتروني يختلف عن منصة تواصل اجتماعي، منصة تخزين ملفات تختلف عن منصة ألعاب إلكترونية.
وحتى أساعدك على الاستلهام هنا بعض الأمثلة من شركات كبرى طبقت تأثير الشبكة في بداياتها وبما يلائم احتياجها:
- سلاك: استهدف سلاك الشركات الناشئة الصغيرة من شخصين إلى عشرة أشخاص في البدايات.
- زوم: الشبكة في زوم صغيرة ولا تتطلب أكثر من شخصين، شخص ينشئ المكالمة ثم يدعو شخص آخر.
- فيسبوك: وجد فيسبوك في بداياته أن المستخدم الذي يضيف عشرة أصدقاء خلال السبعة أيام الأولى عادة يستمر باستخدام فيسبوك لفترة أطول من الزمن.
الأمثلة أعلاه ديناميكية متغيرة حتى داخل تلك الشركات، حيث أنه وبعد نمو “سلاك” أصبحوا يستهدفون شركات كبرى فيها مئات الموظفين وعشرات الأقسام الداخلية.
هل الشبكة الصغيرة هي قاعدة لا تتغير؟
يظل ما سبق ذكره أن الشبكة (أو الشبكات) الأولى ينبغي أن تكون صغيرة وضيقة هي قاعدة عامة لا تنطبق على بعض الحالات، والتي تتطلب بناء شبكة من المستخدمين على نطاق واسع، لنأخذ مثال على أحدها من Bank of America.
بنك أمريكا وإطلاق نظام الفيزا
عندما أطلق Bank of America بطاقات الفيزا الإئتمانية في منتصف القرن الماضي ابتداءاً من مدينة Fresno أحد مدن ولاية كاليفورنيا، لم يكن إطلاق المنتج في أوساط مجموعة صغيرة مكونة من عشرة أو عشرات الأشخاص خياراً، لأنه حتى تجذب المستخدمين تحتاج إلى شبكة واسعة من المتاجر التي تعتمد الشراء ببطاقات الائتمان.
هذا التحدي جعل الشبكة الخاصة بهذا الإطلاق تتضمن قرابة ٦٠ ألف شخص قام البنك بإهداء البطاقات لهم مع رصيد أولي مجاني، بهذه الطريقة استطاع البنك إقناع المتاجر بأن لديه قرابة ٦٠ ألف شخص جاهز للشراء، وهو ما ساعده على بناء الشبكة بشكل واسع على غير المعتاد.
طابت أيامك.